محمد بن عبدالكريم الخطابي

محمد بن عبدالكريم الخطابي الاسطورة الحقيقية
الأمير عبد الكريم الخطابي قائد وطني، وزعيم المقاومة المغربية في الشمال الإفريقي خلال الفترة من عام 1919م إلى عام 1929م، وكان قائد حرب الريف الشهيرة، وهو قيادي بارز ضدَّ الاحتلال الفرنسي - الإسباني للمغرب.
نشأة الخطابي
وُلِدَ محمد بن عبد الكريم الخطابي في بلدة أغادير بالمغرب الأقصى سنة (1300هـ= 1882م)، ونشأ في أسرة كريمة تحت كنف والده، الذي كان يتزعَّم قبيلة بني ورياغل، تلقى تعليمه في جامعة القرويين؛ حيث درس العلوم الشرعية واللغوية، وتولَّى منصب القضاء الشرعي في مدينة مليلة.
الحرب العالمية الأولى
تقاسمت إسبانيا وفرنسا النفوذ في المغرب، التي كانت تُعاني من ضعف وانقسام وصراع داخلي، واستعانة بالقوى الخارجية، وترتَّب على هذا التقسيم أن صار القسم الشمالي من مَرَّاكُش خاضعًا للسيطرة الإسبانية، وهذا الجزء ينقسم بدوره إلى قسم شرقي يُعرف ببلاد الريف، وغربي يُعرف بالجبالة، وتمتدُّ بلاد الريف بمحاذاة الساحل لمسافة تبلغ 120 ميلًا، وتمتدُّ عرضًا لمسافة 25 ميلًا، وتسكنها قبائل ينتمي معظمها إلى أصل بربري، تأتي في مقدمتها قبيلة بني ورياغل، التي ينتمي إليها الأمير الخطابي.

انخرط عبد الكريم الخطابي في النظام الحكومي الإسباني، وعُيـِّن كبير قضاة مليلة في عام (1332هـ= 1914م)، وأثناء الحرب العالمية الأولى عاقبت السلطات الإسبانية عبد الكريم لأنشطته المناهضة للاستعمار بتهمة التآمر مع القنصل الألماني د/ ڤالتر زشلن، وسـُجن في شفشاون من عام 1916م إلى عام 1917م، وبنهاية الحرب استعاد عبد الكريم الخطابي منصبه لفترة قصيرة، إلَّا أنه خوفًا من تسليمه للفرنسيين لنيل عقابه منهم، سرعان ما عاد إلى بلدته أغادير في يناير (1919م= 1337هـ)، وقد أزعجه ظهور العملاء الإسبان في منطقة بني ورياغل، وصمَّم على القتال للاستقلال، وكان ثمة سبب آخر للاستفزاز؛ وهو فقدانه راتبه واستبعاد السلطات الإسبانية له من كونسورتيوم (1) غير رسمي لحقِّ التنقيب عن المعادن، وفي العام التالي بدأ عبد الكريم مع والده وأخيه حربَ التمرُّد ضد الإسبان، وقد أصبح هدفه آنذاك توحيد كل قبائل الريف في جمهورية الريف المستقلَّة.



حرب الريف
كان الأمير الخطابي في التاسعة والثلاثين حين تولَّى مقاليد الأمور في منطقة الريف، وقد حَنَّكَتْهُ التجارِب وأصقلته الأيام، ووَحَّد هدفه، فاستكمل ما كان أبوه قد عزم عليه من مواصلة الجهاد، وإخراج الإسبانيين من البلاد.
وفي تلك الأثناء كان الجنرال سلفستر قائد قطاع مليلة يزحف نحو بلاد الريف؛ لِيُحْكِمَ السيطرة عليها، ونجح في بادئ الأمر في الاستيلاء على بعض المناطق، وحاول الأمير عبد الكريم الخطابي أن يُحَذِّرَ الجنرال سلفستر من مغبَّة الاستمرار في التقدُّم، والدخول في مناطق لا تعترف بالحماية الإسبانية الأجنبية، لكنَّ الجنرال المغرور لم يأبه لكلام الأمير، واستمرَّ في التقدُّم ممنِّيًا نفسه باحتلال بلاد الريف.
كانت قوَّات الجنرال الإسباني تتألَّف من أربعة وعشرين ألف جندي؛ مُجَهَّزِين بالأسلحة والمدفعية، ولم تُصادف هذه القوَّات في زحفها في بلاد الريف أيَّ مقاومة، واعتقد الجنرال أن الأمر سهلًا، وأعماه غرورُه عن رجال عبد الكريم الخطابي الذين يعملون على استدراج قوَّاته داخل المناطق الجبلية المرتفعة، واستمرَّت القوات الإسبانية في التقدُّم وتحقيق انتصارات صغيرة؛ حتى احتلت مدينة أنوال في (7 من رمضان 1339هـ= 15 من مايو 1921م).
معركة أنوال
بعد ذلك بدأ رجال عبد الكريم الخطابي هجومهم على كل المواقع التي احتلَّهَا الإسبانيون، وحاصروا هذه المواقع حصارًا شديدًا، وفشل الجنرال في ردِّ الهجوم، أو مساعدة المواقع المحاصَرَة، وأصبحت قوَّاته الرئيسيَّة -التي جمعها في «أنوال»- مُهَدَّدة، بعد أن حاصرها وطوَّقها رجال الريف، وحين حاول الانسحاب بقوَّاته اصطدم بقوَّات الخطابي في (16 من ذي القعدة 1339هـ= 22 من يوليو 1921م) في معركة حاسمة عُرفت بمعركة أنوال، وكانت الهزيمة الساحقة للقوات الإسبانية؛ حيث أُبيد معظم الجيش المحتلّ، وأقرَّ الإسبان بأنهم خسروا في تلك المعركة 15 ألف قتيل يتقدَّمهم الجنرال سلفستر، ووقع في الأسر 570 أسيرًا، وهذا غير الغنائم من الأسلحة التي وقعت في أيدي المجاهدين.
ما إن انتشر خبر انتصار الخطابي ورجاله في معركة أنوال، حتى هبَّت قبائل الريف تُطارد الإسبان أينما وُجدوا، ولم يمضِ أسبوعٌ إلَّا وقد انتصر الريف عليهم، وأصبح وجود الإسبان مقتصرًا على مدينة تطوان وبعض الحصون في منطقة الجبالة.
تأسيس دولة الريف
بسط الأمير عبد الكريم الخطابي سلطته على بلاد الريف بعد جلاء الإسبان عنها، واتَّجه إلى تأسيس دولة مُنَظَّمة دون أن يتنكَّر لسلطان مَرَّاكُش، أو يتطلَّع إلى عرشه؛ بدليل أنه منع أنصاره من الدعاء له في خطبة الجمعة. وأعلن الخطابي أن أهداف حكومته تتمثَّل في عدم الاعتراف بالحماية الفرنسية على المغرب، وجلاء الإسبان من المناطق التي احتلُّوها، وإقامة علاقة طَيِّبَة مع جميع الدول، والاستعانة بالخبراء الأوربيين في بناء الدولة، وقام بتحويل رجاله المقاتِلين إلى جيش نظامي على النسق الحديث، وعَمِل على تنظيم الإدارة المدنية، وقام بشقِّ الطرق، ومدِّ سلوك البرق والهاتف، وأرسل وفودًا إلى العواصم العربية للحصول على تأييدها، وطلب من بريطانيا وفرنسا والفاتيكان الاعتراف بدولته.
وفوق ذلك كله دعا إلى وضع دستور تلتزم به الحكومة، وتمَّ تشكيل مجلس عامٍّ عُرف باسم الجمعية الوطنية، كان أوَّل قراراته إعلان الاستقلال الوطني، وتأسيس حكومة دستورية لقيادة البلاد.
هزيمة اسبانيا ونتائجها
كان من أثر هذه الهزيمة المدوية للإسبان أن قام انقلاب عسكري في إسبانيا بقيادة بريمودي ريفيرا سنة (1342هـ= 1923م)، لكن هذا لم يُغَيِّر من حقيقة الأوضاع بالنسبة للمغرب، فلم تُعلن الحكومة الجديدة إنهاء احتلالها للمغرب؛ هذا الذي دعا الأمير الخطابي إلى مواصلة الجهاد ضدَّها؛ فقام بهجوم سنة (1342هـ= 1924م) على مدينة تطوان، لكنها لم تسقط في يده على رغم من وصول جنوده إلى ضواحيها، واضطرت القوات الإسبانية إلى الانسحاب من المناطق الداخلية، والتمركز في مواقع حصينة على الساحل، كما أنها أخلت مواقعها في إقليم الجبالة في أواخر سنة (1343هـ= 1924م) بعد أن ثبت لها عجزها عن الاحتفاظ بهذا الإقليم أمام هجمات الأمير الخطابي.
فرنسا تتدخل لتنقذ مشروع الاستعمار الاوروبي
فُوجئ الفرنسيون بانتصار الخطابي على الإسبان، وكانوا يتمنَّوْنَ غير ذلك، كما فُجعوا بانسحاب القوات الإسبانية من إقليم الجبالة كله؛ لذا قرَّرُوا التدخُّل في القتال ضدَّ الخطابي ولمصلحة الإسبان، وكانت فرنسا تخشى من أن يكون نجاح الخطابي في ثورته عاملًا مشجِّعًا للثورات في شمال إفريقيا ضدَّها، كما أن قيام جمهورية قويَّة في الريف يدفع المغاربة إلى الثورة على الفرنسيين ورفض الحماية الفرنسية.
واستعدَّت فرنسا لمحاربة الخطابي بزيادة قوَّاتها الموجودة في مراكش، وبدأت تبحث عن مبرِّر للتدخُّل في منطقة الريف، فحاولوا إثارة الأمير الخطابي أكثر من مرَّة بالتدخُّل في منطقته، وكان الخطابي يلتزم الصمت أمام هذه الاستفزازات؛ حتى لا يُحاربَ في جبهتين، ويكتفي باستنكار العدوان على الأراضي التابعة له، ثم قام الفرنسيون بتشجيع رجال الطرق الصوفية على إثارة بعض القلاقل والاضطرابات في دولة الريف، فلمَّا تصدَّى لهم الأمير الخطابي تدخَّلت فرنسا بحجة حماية أنصارها، واندلع القتال بين الخطابي والفرنسيين في (رمضان 1343هـ= أبريل 1925م)، وفُوجئ الفرنسيون بالتنظيم الجيد الذي عليه قوَّات الأمير الخطابي، وببسالتهم في القتال، فاضطروا إلى التزام موقف الدفاع طيلة أربعة أشهر، وأُصيبت بعض مواقعهم العسكرية بخسائر فادحة.
استسلام الأمير عبد الكريم الخطابي
لم يَعُدْ أمام الدولتين الكبيرتين (فرنسا وإسبانيا) سوى أن يجتمعا على حرب الأمير عبد الكريم الخطابي، وأَعدَّتا لهذا الأمر عُدَّته بالإمدادات الهائلة لقوَّاتهما في المغرب، والإنزال البحري في مكانٍ قرب خليج الحسيمات؛ الذي يمتدُّ في قلب بلاد الريف، وأصبح على الأمير الخطابي أن يُواجه هذه الحشود الضخمة بقوَّاته التي أنهكها التعب والقتال المستمرُّ، فضلًا عن قلَّة المؤن التي أصبحت تُهَدِّدها.
وبالإضافة إلى ذلك لجأت فرنسا إلى دعم موقفها في القتال، فأغرت السلطان المغربي بأن يُعلن أن الخطابي أحد العصاة الخارجين على سلطته الشرعية؛ ففعل السلطان ما أُمر به، كما قامت بتحريض بعض قبائل المجاهدين على الاستسلام، فنجحت في ذلك.
وكان من نتيجة ذلك أن بدأت الخسائرُ تتوالى على الأمير عبد الكريم الخطابي في المعارك التي يخوضها، وتمكَّن الإسبان بصعوبة من احتلال مدينة أغادير عاصمة الأمير الخطابي، ثم تمكَّنت القوات الإسبانية والفرنسية من الاستيلاء على حصن ترجست، الذي اتخذه الأمير مقرًّا له بعد سقوط أغادير في (11 من ذي القعدة 1344هـ= 23 من مايو 1926م).
واضطر الأمير عبد الكريم الخطابي إلى تسليم نفسه إلى السلطات الفرنسية باعتباره أسير حرب؛ وذلك بعد أن شعر بعدم جدوى المقاومة، وأن القبائل قد أُنهكت، ولم تَعُدْ مستعدَّة لمواصلة القتال، وقد قامت فرنسا بنفي الأمير المجاهد إلى جزيرة نائية في المحيط الهندي.
وفي تلك الجزيرة عاش الأمير المجاهد مع أسرته وبعض أتباعه أكثر من عشرين عامًا، قضاها في الصلاة وقراءة القرآن، وفشلت محاولاته لأن يرحل إلى أية دولة عربية أو إسلامية.
الخطابي فى مصر
وفي سنة (1367هـ= 1947م) قرَّرت فرنسا نقله إليها على متن سفينة، فلمَّا وصلت إلى ميناء بورسعيد تمكَّن بعض شباب المغرب المقيمين في مصر من زيارته على متن السفينة، ورجَوْهُ أن يتقدَّم باللجوء إلى مصر ليُواصل مسيرة الجهاد من أجل تحرير المغرب، فوافق على هذا الرأي شريطة أن تُوافق الحكومة المصرية على طلبه، كما لاقاه وفد من جماعة الإخوان المسلمين مُرَحِّبين به.
وتمَّت الموافقة على طلبه على الرغم من احتجاج السفير الفرنسي في مصر، وبدأ الخطابي عهدًا جديدًا من النضال الوطني من أجل تحرير بلاده، وأسَّس مع أبناء المغرب العربي لجنة أطلقوا عليها «لجنة تحرير المغرب العربي»، تولَّى هو رئاستها في (25 من المحرم 1367هـ= 9 من ديسمبر 1947موفي أثناء إقامته توطدت الصلة بينه وبين الإمام الشهيد حسن البنا، وتكرَّرت اللقاءات بينهما في اجتماعات عامَّة وخاصَّة؛ ولما استشهد الإمام البنا، كتب الأمير عبد الكريم الخطابي: «ويح مصر! وإخوتي أهل مصر! مما يستقبلون جزاء ما اقترفوا، فقد سفكوا دم وليٍّ من أولياء الله، تُرى أين يكون الأولياء إن لم يكن منهم؟! بل في غُرَّتِهم حسن البنا، الذي لم يكن في المسلمين مثله».
وفاة عبد الكريم الخطابي
ظلَّ الأمير عبد الكريم الخطابي مقيمًا في القاهرة، يُتابع نشاط المجاهدين من أبناء المغرب العربي المقيمين في القاهرة، ويمدُّهم بنصائحه وإرشاداته، حتى لقي رَبَّه في (غرة رمضان 1382هـ= 6 من فبراير 1963م).












0 التعليقات:

السلطان عبدالحميد الثاني

    

السلطان عبدالحميد الثاني
ارتقى عبد الحميد الثاني عرش السلطنة العثمانية يوم الخميس في 31 أغسطس 1876م في ظل ظروف قاسية كانت تعصف بالدولة العثمانية من الديون التي كانت ترزح تحتها، إلى تكالب الدول الأوربية واليهودية التي كانت تنتظر موت الرجل المريض لاقتسام ثروته لا سيما البترول لذلك أوّل ما فعله أنّه سعى إلى رأب الصدع، فجرى على سياسة الاقتصاد من أجل تحرير رقبة بلاده من قبضة الدول والمصارف الأجنبية، حتى إنِّه تبرّع من ماله الخاص من أجل هذا الغرض، فاستطاع تسديد القسم الأكبر من تلك الديون. وفي عهده تخرج جيلٌ كامل من المثقفين والمتعلمين من كليات وجامعات ومعاهد أسسها السلطان، وبدأت الدلائل تشير إلى عودة الصحة والعافية إلى جسد الرجل المريض، ولكن وصول الاتحاديين إلى السلطة بمساعدة خارجية قضى على هذا الأمل.

سياسة السلطان عبدالحميد
السلطان عبد الحميد المعروف بسياسته الإسلامية والذي كان يرى أن خلاص الدولة العثمانية وقوتها في اتباع ما جاء في القرآن والسُّنَّة، والذي قام بإرسال الدعاة المسلمين -مع المئات بل الآلاف من الكتب الإسلامية- إلى كل أنحاء العالم الإسلامي  لجمعهم تحت راية واحدة هي: "يا مسلمي العالم، اتحدوا". لم ترحمه أقلام الحاقدين فاتهموه بحرق المصاحف زورًا وبهتانًا، وحاولوا تزوير الحقائق التي تقول: إن الكتب التي أمر بإحراقها هي كتب دينية طافحة بالخرافات والأساطير وتمسُّ عقيدة المسلمين؛ ولذلك جمعتها وزارة المعارف وفرزتها لجنة من العلماء في 150 شولاً، وأمر بها فأُحرقت




عبد الحميد الثاني وقضية فلسطين
أمَّا بالنسبة لموقفه تُجاه فلسطين، فلقد حاول الصهاينة منذ بَدء هذه الحركة الاتصال بالسلطان عبد الحميد لإقناعه بفتح الهجرة اليهودية إلى فلسطين، والسماح لهم بإقامة مستوطنات للإقامة فيها، وقد قام هرتزل باتصالاته تلك برعاية من الدول الاستعمارية الأوربية، وكان هرتزل يعلم مدى الضائقة المالية التي تمرُّ بها الدولة العثمانية؛ لذلك حاول إغراء السلطان بحل مشاكل السلطنة المالية مقابل تنفيذ مطالب اليهود. ولكنَّ السلطان ما وهن وما ضعف، وما استكان أمام الإغراء حينًا، والوعد والوعيد حينًا آخر، حتى أدرك اليهود في النهاية أنه ما دام السلطان عبد الحميد على عرش السلطنة، فإنَّ حلمهم بإنشاء وطن قومي لهم سيظل بعيد المنال
ويَشهد لذلك ما جاء في بروتوكولات حكماء صهيون، وما جاء في مذكّرات هرتزل نفسه الذي يقول بمناسبة حديثه عن مقابلته للسلطان: "ونصحني السلطان عبد الحميد بأن لا أتخذَ أية خطوة أخرى في هذا السبيل، لأنَّه لا يستطيع أن يتخلى عن شبرٍ واحد من أرض فلسطين؛ إذ هي ليست ملكًا له، بل لأمته الإسلامية التي قاتلت من أجلها، وروت التربة بدماء أبنائها، كما نصحني بأن يحتفظ اليهود بملايينهم وقال: إذا تجزّأت إمبراطوريتي يومًا ما فإنكم قد تأخذونها بلا ثمن، أمَّا وأنا حيٌّ فإنَّ عمل المِبْضَعِ في بدني لأهون عليَّ من أن أرى فلسطين قد بترت من إمبراطوريتي، وهذا أمر لا يكون








0 التعليقات:

اسد الصحراء عمر المختار





اسد الصحراء عمر المختار


ينتسب عمر المختار إلى قبيلة المنفه إحدى كبريات قبائل المرابطين ببرقة ولد عام 1862م في قرية جنزور بمنطقة دفنة في الجهات الشرقية من برقة التي تقع شرقي ليبيا على الحدود المصرية..
تربى يتيما ..حيث وافت المنية والده مختار بن عمر وهو في طريقه إلى مكة المكرمة بصحبة زوجته عائشة.
تلقى عمر المختار تعليمه الأول في زاوية جنزور ثم سافر إلى الجغبوب ليمكث فيها ثمانية أعوام للدراسة والتحصيل على كبار علماء ومشايخ السنوسية في مقدمتهم الإمام السيد المهدي السنوسى قطب الحركة السنوسية، فدرس اللغة العربية والعلوم الشرعية وحفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب، ولكنه لم يكمل تعليمه كما تمنى.

ظهرت عليه علامات النجابة ورزانة العقل،، فاستحوذ على اهتمام ورعاية أستاذه السيد المهدي السنوسى مما زاده رفعة وسمو، فتناولته الألسن بالثناء بين العلماء ومشايخ القبائل وأعيان المدن حتى قال فيه السيد المهدي واصفاً إياه " لو كان عندنا عشرة مثل عمر المختار لاكتفينا بهم ".

فقد وهبه الله تعالى ملكات منها جشاشة صوته البدوي وعذوبة لسانه واختياره للألفاظ المؤثرة في فن المخاطبة وجاذبية ساحرة لدرجة السيطرة على مستمعيه وشد انتباههم،

شارك عمر المختار في الجهاد بين صفوف المجاهدين في الحرب الليبية الفرنسية في المناطق الجنوبية (السودان الغربي) وحول واداي. وقد استقر المختار فترة من الزمن في قرو مناضلاً ومقاتلاً ثم عين شيخاً لزاوية (عين كلك) ليقضي فترة من حياته معلماً ومبشراً بالإسلام في تلك الأصقاع النائية.
وبعد وفاة السيد محمد المهدي السنوسي عام 1902م تم استدعاؤه حيث عين شيخاً لزاوية القصور.




- من كتاتيب العلم الى ساحة الجهاد :

عاش عمر المختار حرب التحرير والجهاد منذ بدايتها يوماً بيوم فعندما أعلنت إيطاليا الحرب على تركيا في 29 سبتمبر 1911م وبدأت البارجات الحربية بصب قذائفها على مدن الساحل الليبي درنة وطرابلس ثم طبرق وبنغازي والخمس كان عمر المختار في تلك الأثناء مقيما في جالو بعد عودته من الكفرة حيث قابل السيد أحمد الشريف وعندما علم بالغزو الإيطالي سارع إلى مراكز تجمع المجاهدين حيث ساهم في تأسيس دور بنينه وتنظيم حركة الجهاد والمقاومة إلى أن وصل السيد أحمد الشريف قادماً من الكفرة. وقد شهدت الفترة التي أعقبت انسحاب الأتراك من ليبيا سنة 1912م أعظم المعارك في تاريخ الجهاد الليبي أذكر منها على سبيل المثال معركة يوم الجمعة عند درنة في 16 مايو 1913م حيث قتل فيها للأيطاليين عشرة ضباط وستين جنديا وأربعمائة فرد بين جريح ومفقود إلى جانب انسحاب الإيطاليين بلا نظام تاركين أسلحتهم ومؤنهم وذخائرهم

بعد الانقلاب الفاشي في إيطالي في أكتوبر 1922 وبعد الانتصار الذي تحقق في تلك الحرب إلى الجانب الذي انضمت إليه إيطاليا. تغيرت الأوضاع داخل ليبيا واشتدت الضغوط على السيد محمد إدريس السنوسي واضطر إلى ترك البلاد عاهداً بالأعمال العسكرية والسياسية إلى عمر المختار في الوقت الذي قام أخاه الرضا مقامه في الإشراف على الشئون الدينية.

بعد أن تأكد للمختار النوايا الإيطالية في العدوان قصد مصر عام 1923م للتشاور مع السيد إدريس فيما يتعلق بأمر البلاد وبعد عودته نظم أدوار المجاهدين فجعل حسين الجويفي على دور البراعصة ويوسف بورحيل المسماري على دور العبيدات والفضيل بوعمر على دور الحاسة وتولى هو القيادة العامة.

بعد الغزو الإيطالي على مدينة اجدابيا مقر القيادة الليبية أصبحت كل المواثيق والمعاهدات لاغية وانسحب المجاهدون من المدينة وأخذت إيطاليا تزحف بجيوشها من مناطق عدة نحو الجبل الأخضر وفي تلك الأثناء تسابقت جموع المجاهدين إلى تشكيل الأدوار والإنضواء تحت قيادة عمر المختار كما بادر الأهالي إلى إمداد المجاهدين بالمؤن والعتاد والسلاح وعندما ضاق الإيطاليون ذرعا من الهزيمة على يد المجاهدين أرادوا أن يمنعوا عنهم طريق الإمداد فسعوا إلى احتلال الجغبوب ووجهت إليها حملة كبيرة في 8 فبراير 1926م وقد شكل سقوطها أعباء ومتاعب جديدة للمجاهدين وعلى رأسهم عمر المختار ولكن الرجل حمل العبء كاملاً بعزم العظماء وتصميم الأبطال.

ولاحظ الإيطاليون أن الموقف يملي عليهم الاستيلاء على منطقة فزان لقطع الإمدادات على المجاهدين فخرجت حملة في يناير 1928م ولم تحقق غرضها في احتلال فزان بعد أن دفعت الثمن غاليا. ورخم حصار المجاهدين وانقطاعهم عن مراكز تموينهم إلا أن الأحداث لم تنل منهم وتثبط من عزمهم والدليل على ذلك معركة يوم 22 أبريل التي استمرت يومين كاملين انتصر فيها المجاهدون وغنموا عتادا كثيرا.


- مفاوضات السلام في سيدي ارحومة :

وتوالت الانتصارات الأمر الذي دفع إيطاليا إلى إعادة النظر في خططها وإجراء تغييرات واسعة

فأمر موسوليني بتغيير القيادة العسكرية حيث عين بادوليو حاكماً عسكريا على ليبيا في يناير 1929مويعد هذا التغيير بداية المرحلة الحاسمة بين الطليان والمجاهدين.


تظاهر الحاكم الجديد لليبيا في رغبته للسلام لإيجاد الوقت اللازم لتنفيذ خططه وتغيير أسلوب القتال لدى جنوده وطلب مفاوضة عمر المختار تلك المفاوضات التي بدأت في 20 أبريل 1929م

واستجاب الشيخ لنداء السلام وحاول التفاهم معهم على صيغة ليخرجوا من دوامة الدمار. فذهب كبيرهم للقاء عمر المختار ورفاقه القادة في 19 يونيو1929م في سيدي ارحومه. ورأس الوفد الإيطالي بادوليونفسه، الرجل الثاني بعد بنيتو موسليني، ونائبه سيشليانو، ولكن لم يكن الغرض هوالتفاوض، ولكن المماطلة وشراء الوقت لتلتقط قواتهم أنفاسها، وقصد الغزاة الغدر به والدس عليه وتأليب أنصاره والأهالي وفتنة الملتفين حوله..

وعندما وجد المختار أن تلك المفاوضات تطلب منه اما مغادرة البلاد إلى الحجاز اومصر أو البقاء في برقة و انهاء الجهاد ..والإستسلام مقابل الأموال والإغراءات رفض كل تلك العروض وكبطل شريف ومجاهد عظيم عمد إلى الاختيار الثالث وهو مواصلة الجهاد حتى النصر أو الشهادة.

تبين للمختار غدر الإيطاليين وخداعهم ففي 20 أكتوبر 1929م وجه نداء إلى أبناء وطنه طالبهم فيه بالحرص واليقظة أمام ألاعيب الغزاة.

وصحت توقعات عمر المختار ففي 16 يناير 1930م ألقت الطائرات بقذائفها على المجاهدين

دفعت مواقف المختار ومنجزاته إيطاليا إلى دراسة الموقف من جديد وتوصلت إلى تعيين غرسياني وهو أكثر جنرالات الجيش وحشية ودموية.. ليقوم بتنفيذ خطة إفناء وإبادة لم يسبق لها مثيل في التاريخ في وحشيتها وفظاعتها وعنفها وقد تمثلت في عدة إجراءات ذكرها غرسياني في كتابه "برقة المهدأة":

1- قفل الحدود الليبية المصرية بالأسلاك الشائكة لمنع وصول المؤن والذخائر.

2- إنشاء المحكمة الطارئة في أبريل 1930م.

3- فتح أبواب السجون في كل مدينة وقرية ونصب المشانق في كل جهة.

4- تخصيص مواقع العقيلة والبريقة من صحراء غرب برقة البيضاء والمقرون وسلوق من أواسط برقة الحمراء لتكون مواقع الإعتقال والنفي والتشريد.

5- العمل على حصار المجاهدين في الجبل الأخضر واحتلال الكفرة.


إنتهت عمليات الإيطاليين في فزان باحتلال مرزق وغات في شهري يناير وفبراير 1930م ثم عمدوا إلى الإشباك مع المجاهدين في معارك فاصلة وفي 26 أغسطس 1930م ألقت الطائرات الإيطالية حوالي نصف طن من القنابل على الجوف والتاج وفي نوفمبر اتفق بادوليو وغرسياني على خط الحملة من اجدابيا إلى جالو إلى بئر زيغن إلى الجوف وفي 28 يناير 1931م سقطت الكفرة في أيدي الغزاة وكان لسقوط الكفرة آثار كبيرة على حركة الجهاد والمقاومة.


اسد الصحراء اسيرا
في معركة السانية في شهر أكتوبر عام 1930م سقطت من الشيخ عمر المختار نظارته، وعندما وجدها أحد جنود الطليان وأوصلها لقيادته، فرائها غراتسياني فقال: "الآن أصبحت لدينا النظارة، وسيتبعها الرأس يوماً ما".

وفي 11 سبتمبر من عام 1931م، وبينما كان الشيخ عمر المختار يستطلع منطقة سلنطة في كوكبة من فرسانه، عرفت الحاميات الإيطالية بمكانه فأرسلت قوات لحصاره ولحقها تعزيزات، واشتبك الفريقين في وادي بوطاقة ورجحت الكفة للعدوفأمر عمر المختار بفك الطوق والتفرق، ولكن قُتلت فرسه تحته وسقطت على يده مما شل حركته نهائياً. فلم يتمكن من تخليص نفسه ولم يستطع تناول بندقيته ليدافع عن نفسه، فسرعان ماحاصره العدو من كل الجهات وتعرفوا على شخصيته، فنقل على الفور إلي مرسى سوسه ومن ثم وضع على طراد الذي نقله رأسا إلي بنغازي حيث أودع السجن الكبير بمنطقة سيدي اخريبيش. ولم يستطع الطليان نقل الشيخ براً لخوفهم من تعرض المجاهدين لهم في محاولة لتخليص قائدهم.

كان لاعتقاله في صفوف العدو، صدىً كبيراً، حتى أن غراسياني لم يصدّق ذلك في بادىء الأمر،وكان غراتسياني في روما حينها كئيباً حزيناً منهار الأعصاب في طريقه إلي باريس للاستجمام والراحة تهرباً من الساحة بعد فشله في القضاء على المجاهدين في برقة، حيث بدأت الأقلام اللاذعة في إيطاليا تنال منه والانتقادات المرة تأتيه من رفاقه مشككة في مقدرته على إدارة الصراع. وإذا بالقدر يلعب دوره ويتلقى برقية مستعجلة من نغازي مفادها إن عدوه اللدود عمر المختار وراء القضبان. فأصيب غراتسياني بحالة هستيرية كاد لا يصدق الخبر. فتارة يجلس على مقعده وتارة يقوم، وأخرى يخرج متمشياً على قدميه محدثاً نفسه بصوت عال، ويشير بيديه ويقول: "صحيح قبضوا على عمر المختار ؟ ويرد على نفسه لا، لا اعتقد." ولم يسترح باله فقرر إلغاء أجازته واستقل طائرة خاصة وهبط ببنغازي في نفس اليوم وطلب إحضار عمر المختار إلي مكتبه لكي يراه بأم عينيه.

وصل غرسياني إلى بنغازي يوم 14 سبتمبر  وأعلن عن انعقاد "المحكمة الخاصة" يوم 15 سبتمبر 1931م وفي صبيحة ذلك اليوم وقبل المحاكمة رغب غرسياني في الحديث مع عمر المختار يذكر غرسياني في كتابه (برقة المهدأة):

"وعندما حضر أمام مكتبي تهيأ لي أن أرى فيه شخصية آلاف المرابطين الذين التقيت بهم أثناء قيامي بالحروب الصحراوية. يداه مكبلتان بالسلاسل رغم الكسور والجروح التي أصيب بها أثناء المعركة وكان وجهه مضغوطا لأنه كان مغطيا رأسه (بالجرد) ويجر نفسه بصعوبة نظراً لتعبه أثناء السفر بالبحر وبالإجمال يخيل لي أن الذي يقف أمامي رجل ليس كالرجال له منظره وهيبته رغم أنه يشعر بمرارة الأسر ها هو واقف أمام مكتبي نسأله ويجيب بصوت هادئ وواضح."

غراتسياني: لماذا حاربت بشدة متواصلة الحكومة لفاشستية ؟

أجاب الشيخ: من أجل ديني ووطني.

غراتسياني:ما الذي كان في اعتقادك الوصول إليه ؟

فأجاب الشيخ: لا شئ إلا طردكم … لأنكم مغتصبون، أما الحرب فهي فرض علينا وما النصر إلا من عند الله.

غراتسياني: لما لك من نفوذ وجاه، في كم يوم يمكنك إن تأمر الثوار بأن يخضعوا لحكمنا ويسلموا أسلحتهم ؟.

فأجاب الشيخ: لا يمكنني أن أعمل أي شئ … وبدون جدوى نحن الثوار سبق أن أقسمنا أن نموت كلنا الواحد بعد الأخر، ولا نسلم أو نلقي السلاح…
ويستطرد غرسياني حديثه "وعندما وقف ليتهيأ للإنصراف كان جبينه وضاء كأن هالة من نور تحيط به فارتعش قلبي من جلالة الموقف أنا الذي خاض معارك الحروب العالمية والصحراوية ولقبت بأسد الصحراء. ورغم هذا فقد كانت شفتاي ترتعشان ولم أستطع أن أنطق بحرف واحد[] فانهيت المقابلة وأمرت بإرجاعه إلى السجن لتقديمه إلى المحاكمة في المساء[] وعند وقوفه حاول أن يمد يده لمصافحتي ولكنه لم يتمكن لأن يديه كانت مكبلة بالحديد."

- المحاكمة الهزلية :
عقدت للشيخ الشهيد محكمة هزلية صورية في مركز إدارة الحالفاشستي ببنغازي مساء يوم الثلاثاء عند الساعة الخامسة والربع في 15 سبتمبر 1931م، وبعد ساعة تحديداً صدر منطوق الحكم بالإعدام شنقاً حتى الموت،
وعندما ترجم له الحكم، قال الشيخ "إن الحكم إلا لله … لا حكمكم المزيف ... إنا لله وإنا أليه لراجعون".


- اعدام البطل الشامخ :
في صباح اليوم التالي للمحاكمة الأربعاء، 16 سبتمبر 931م، اتخذت جميع التدابيراللازمة بمركز سلوق لتنفيذ الحكم بإحضار جميع أقسام الجيش والميليشيا والطيران،
واحضر 20 ألف من الأهالي وجميع المعتقلين السياسيين خصيصاً من أماكن مختلفة لمشاهدة تنفيذ الحكم في قائدهم.

واحضر الشيخ عمر المختار مكبل الأيدي، وعلى وجهه ابتسامة الرضا بالقضاء والقدر،
وبدأت الطائرات تحلق في الفضاء فوق المعتقلين بأزيز مجلجل حتى لا يتمكن عمر المختار من مخاطبتهم،
وفي تمام الساعة التاسعة صباحاً سلم الشيخ إلي الجلاد، وكان وجهه يتهلل استبشاراً بالشهادة وكله ثبات وهدوء، فوضع حبل المشنقة في عنقه، وقيل عن بعض الناس الذين كان على مقربة منه انه كان يأذن في صوت خافت آذان الصلاة، والبعض قال انه تمتم بالآية الكريمة "يا أيتها النفس المطمئنة إرجعي إلى ربك راضية مرضية" ليجعلها مسك ختام حياته البطولية. وبعد دقائق صعدت روحه الطاهرة النقية إلي ربها تشكوأليه عنت الظالمين وجور المستعمرين.

وسبق إعدام الشيخ أوامر شديدة الطبيعة بتعذيب وضرب كل من يبدي الحزن أويظهر البكاء عند إعدام عمر المختار، فقد ضرب جربوع عبد الجليل ضرباً مبرحاً بسبب بكائه عند إعدام عمر المختار. ولكن علت أصوات الاحتجاج ولم تكبحها سياط الطليان، فصرخت فاطمة داروها العبارية وندبت فجيعة الوطن عندما على الشيخ شامخاً مشنوقاً، ووصفها الطليان "بالمرأة التي كسرت جدار الصمت". 








0 التعليقات:

الهنود الحمر مسلمون !!

الهنود الحمر مسلمون !!

فى (القرن الأول الهجرى) بداية قصة الإسلام فى أمريكا بدأت مبكراً من على ظهر فرس او بمعنى مجموعة من الحصان العربى الأصيل كانت تجرى على الضفة الشرقية للمحيط الأطلسى فى عام 63 هجرية, و فوق هذا الحصان كان يركب  ( عقبة بن نافع )هذا الفارس المسلم نظر إلى  المحيط الأطلسى و عيونه تفيض من الدموع ليرفع يديه فى علياء السماء و يقول بصوتٍ خالطت نبراته هدير أمواج بحر الظلمات الذى هو حاليا ( المحيط الأطلسى ): " اللهم لو كنت أعلم أن وراء هذا البحر أرضاً لخُضتُهُ إليها فى سبيلك حتى أرفع عليها كلمة لا إله إلا الله"

( القرن الرابع الهجرى ) ذكر المؤرخ المسعودى كتابه  " مروج الذهب ومعادن الجوهر " المكتوب عام 956 ميلاديةو أبو حامد الغرناطى أن أحد المغامرين من قرطبة واسمه الخشخاش بن سعيد بن الأسود, عبر بحر الظلمات( المحيط الأطلسى ) مع جماعة من أصحابة إلى أن وصل إلى الأرض وراء بحب الظلمات ( المحيط الأطلسى ), و رجع سنة 889 ميلادية, و قال الخشخاش لما عاد من رحلتة بأنه و جد أناساً فى الأرض المجهولة و يقصد بها الأمريكتين التى و صلها, ولذلك لما رسم المسعودى خريطة للعالم, رسم بعد بحر الظلمات أرضاً سماها: الأرض المجهولةبمعنى إنه فى القرن التاسع الميلادى كان المسلمون يعرفون أن ثمة أرضاً وراء بحر الظلمات

( القرن الخامس الهجرى ) الشيخ البربرى ياسين الجازولى ( والد الشيخ عبدالله بن ياسين مؤسس جماعة المرابطين ) قطع المحيط الأطلسى و ذهب إلى مناطق شمال البرازيل مع جماعات من أتباعهُ, و نشر فيها الإسلام و أسس منطقة كبيرة تابعة للدولة المرابطية, و يوجد هناك مدناً تحمل أسماء مدنٍ إسلامية مثل (تلمسان ) و ( مراكش ) و ( فاس ) حتى اليوم

فى عام 1327 ميلادية  المؤرخ الإسلامى شهاب الدين العمرىيذكر قصة عجيبة فى كتابه " مسالك الأبصار و ممالك الأمصار " بأن سلطان إمبراطورية مالى المسلم منسا موسى  رحمه الله لما ذهب إلى الحج عام 1327 ميلادية, أخبره بأن سلفة أنشأ 200 سفينة و عبر المحيط الأطلسى نحو الضفة الأخرى المجهولة و أنابهُ عليه فى حكم مالى ولم يعد أبداً! و بذلك بقى هو فى المُلك و قد  وُجدت بالفعل كتابات فى البيرو و البرازيل و جنوب الولايات المتحدة تدل على الوجود  الأفريقى الإسلامى من كتابات إما بالحروف الكوفية العربية او بالحروف الأفريقية

( عام 1493 ميلادية ) كريستوفر كولومبس نفسه يكتب فى مذكراته " إن الهنود الحمر يلبسون لباساً قطنياً شبيهاً باللباس الذى تلبسهُ النساء الغرناطيات المسلمات " و ذكر أنه وجد مسجداً فى كوبا, و الجدير بالذكر أن أول وثيقة هدنة كريستوفر و الهنود الحمر كانت موقعة من رجل مسلم ( الوثيقة موجودة فى متحف تاريخ أمريكا بتوقيع بحروف عربية من رجل من الهنود الحمر اسمه محمد !!

( عام 1929 ميلادية ) إكتشف الأتراك خريطة للمحيط الأطلسى رسمها بيرى رئيس , الذى كان رئيس البحرية العثمانية فى وقته, وذلك كان سنة 919 هجرية أى حوالى 1510 _ 1515 ميلادية, تعطى خريطة شواطئ أمريكا وانهار  لم يكتشفها الأوروبيون إلا أعوام 1540_1560 ميلادية,

الذى لا يعرفه الكثير منا للأسف أنه فى سنة وصول كولومبس لأمريكا عام 1492 ميلادية هى نفسها السنة التى أحتل فيها الصليبيان ( فرناندو الثانى  ), و ( إزبيلا الأولى  ) مدينة غرناطة الإسلامية, أخر معقل للمسلمين فى الأندلس, فأرادت هذه القذرة إزابيلا  أن تسحق المسلمين فى امريكا كما تسحقهم فى الاندلس .
  واخيرا
اخواتى كل هذه الدلائل تؤكد على ان المسلمين هم اول من اكتشفوا الامريكيتين واستطاعوا ان يعيشوا بسلام مع الهنود الحمر ونشأت بينهم علاقات زواج ومصاهرة بل ودخل الكثير من الهنود الحمر فى الإسلام كانت تقدر اعدادهم بالملايين اننا يجب علينا ان ندون هذا التاريخ ونعلمه لأبنائنا ليعرفوا ان هذا الغرب الذى يدعى الديموقراطية والحرية قد اباد شعبا بأكمله وقتل النساء والاطفال فأين الهنود الحمر الان لم يتبقى منهم الا القليل الذى نجى من الابادة الجماعية . 










 
 

0 التعليقات:

الغلام المجهول



الغلام المجهول 

" ما ضرهم ألا يعلمهم عمر؟! يكفيهم أن الله يعلمهم! " (عمر بن الخطاب)
قبل بداية معركة اليرموك خرج رجل من الروم يطلب المبارزة من المسلمين،

فوجد المسلمون غلامًا من الأزد لا يعرفه أحد وهو دون العشرين، يجري ناحية سيدنا أبي عبيدة بن الجراح ويقول له: يا أبا عبيدة إني أردت أن أشفي قلبي وأجاهد عدوي وعدو الإسلام وأبذل نفسي في سبيل الله تعالى لعلّي أرزق بالشهادة فهل تأذن لي؟

فهزت الكلمات قلب سيدنا أبا عبيدة بن الجراح، وقال له: اخرج، فخرج، وعندما همَّ بالخروج التفت إلى سيدنا أبي عبيدة بن الجراح، وقال له كلمة بكى منها أبو عبيدة بن الجراح، قال له:
يا أبا عبيدة هل لك إلى رسول الله من حاجة؟ -أي أنه ذاهب للشهادة-، فبكى سيدنا أبو عبيدة بن الجراح حتى اخْضَلَّت لحيته
وقال: أَقْرِأ رسول الله مني السلام وأخبره أنَّا وجدنا ما وعدنا ربنا حقًّا.

فانطلق الغلام المجهول الذي لا يعرفه أحد ولكن يكفيه أن الله عز وجل يعرفه،

وخرج هذا الغلام لهذا الرجل البطل من أبطال الروم
وانطلق كالسهم وقاتل هذا الرجل الرومي حتى قتله، وأخذ فرسه وسلاحه وسلمهما إلى المسلمين وعاد من جديد وقال: هل من مبارز؟

فخرج له ثاني فقتله، والثالث فقتله، ثم الرابع فقتله، 



فخرج له خامس فحقق له أمنيته، لقاء الرسول صلى الله عليه وسلم فقطع رقبته؛


فطارت رقبة الغلام على الأرض، واستُشهِد في سبيل الله وطارت روحه الطاهرة إلى السماء في حواصل طير خضر تبلغ رسول الله سلام أبي عبيدة ورسالته


انظروا الى عظمة هذا البطل العظيم اى شجاعة 
 واى اقدام هذا انها البطولة الحقيقية فهو لم يكتفى بقتل فارس او اثنين او ثلاثة او اربعة لماذا ؟  لأنه لا يريد إلا الشهادة فى سبيل الله  فما احوجنا الى مثل هذا الشاب فى يومنا هذا .. فما احوجنا الى هذا الإصرار والى هذه العزيمة .




 

0 التعليقات:

السلطان محمد الفاتح

السلطان محمد الفاتح

محمد الفاتح هو السلطان محمد الثاني بن مراد الثاني (855هـ - 1451م)، وهو السلطان السابع في سلسلة آل عثمان، يُلقَّب بالفاتح، وبأبي الخيرات، وقد حكم نحو ثلاثين سنة، كانت خيرًا وبركة على المسلمين.

توليه حكم الدولة العثمانية

تولى حكم السلطنه العثمانيه قبل ان تصبح خلافة في (16محرم 855هـ - 18 فبراير عام 1451م)، وعمره (22 سنة)  
                                                          السلطان محمد الفاتح ج 1 برنامج المجد المفقود


                                                          السلطان محمد الفاتح ج 2  برنامج المجد المفقود


                                                        السلطان محمد الفاتح ج 3 برنامج المجد المفقود

الاستعداد لفتح القسطنطينية 

بذل السلطان محمد الفاتح جهودًا خارقة في الاعداد لفتح القسطنطينية، كما  دعم الجيش العثماني بالقوى البشرية، حتى وصل تعداده إلى قرابة ربع مليون مجاهد. وهو عدد كبير إذا قُورن بجيوش الدول في تلك الفترة، كما اعتنى الفاتح بإعدادهم معنويًّا ، وغرس روح الجهاد فيهم، وتذكيرهم بثناء الرسول على الجيش الذي يفتح القسطنطينية، وعسى أن يكونوا هم هذا الجيش المقصود بذلك.

وفي الناحية التكتيكية العسكرية بدأ محمد الفاتح خطوة عملية كبيرة حين صمم على إقامة قلعة روملي حصار في الجانب الأوربي على مضيق البسفور في أضيق نقطة منه مقابل القلعة التي أسست فى عهد السلطان بايزيد في البر الآسيوي.
وقد حاول الإمبراطور البيزنطي إثناء السلطان الفاتح عن عزمه في بناء القلعة مقابل التزامات مالية تعهَّد بها، إلا أن الفاتح أصر على البناء؛ لما يعلمه من أهمية عسكرية لهذا الموقع، حتى اكتملت قلعة عالية ومحصنة، وصل ارتفاعها إلى 82م، وأصبحت القلعتان متقابلتين، ولا يفصل بينهما سوى 660م تتحكمان في عبور السفن من شرقي البسفور إلى غربيه، وتستطيع نيران مدافعهما منع أي سفينة من الوصول إلى القسطنطينية من المناطق التي تقع شرقها مثل مملكة طرابزون، وغيرها من الأماكن التي تستطيع دعم المدينة عند الحاجة

اعتنى السلطان بتطوير الأسلحة اللازمة لهذه العملية المقبلة، ومن أهمها المدافع، التي أخذت اهتمامًا خاصًّا منه؛ حيث أحضر مهندسًا مجريًّا يُدعى أوربان كان بارعًا في صناعة المدافع، فأحسن استقباله، ووفَّر له جميع الإمكانيات المالية والمادية والبشرية، وقد تمكن هذا المهندس من تصميم وتنفيذ العديد من المدافع الضخمة، كان على رأسها المدفع السلطاني المشهور، والذي ذكر أن وزنه كان يصل إلى مئات الأطنان، وأنه يحتاج إلى مئات الثيران القوية لتحريكه. كما أعطى الفاتح عناية خاصة بالأسطول العثماني؛ حيث عمل على تقويته، وتزويده بالسفن المختلفة ليكون مؤهلاً للقيام بدوره في الهجوم على القسطنطينية، وهي مدينة بحرية لا يكمل حصارها دون وجود قوة بحرية تقوم بهذه المهمة، وقد ذُكر أن السفن التي أعدت لهذا الأمر بلغت أكثر من أربعمائة سفينة

فتح القسطنطينية

في (26ربيع الأول 857هـ - السادس من إبريل سنة 1453م) وصل السلطان محمد الفاتح الى القسطنطينية ، فحاصرها من البر بمائتين وخمسين ألف مقاتل، ومن البحر بأربعمائة وعشرين شراعًا، فوقع الرعب في قلوب أهل المدينة؛ إذ لم يكن عندهم من الحامية إلا خمسة آلاف مقاتل، معظمهم من الأجانب، وبقي الحصار (53 يومًا)، لم ينفك العثمانيون أثناءها عن إطلاق القنابل 

قام السلطان محمد الفاتح بتوزيع جيشه البريّ أمام الأسوار الخارجية للمدينة، مشكِّلاً ثلاثة أقسام رئيسية تمكنت من إحكام الحصار البري حول مختلف الجهات، كما أقام الفاتح جيوشًا احتياطية خلف الجيوش الرئيسية، وعمل على نصب المدافع أمام الأسوار، ومن أهمها المدفع السلطاني العملاق، الذي أقيم أمام باب طوب قابي. كما وضع فرقًا للمراقبة في مختلف المواقع المرتفعة والقريبة من المدينة، وقد انتشرت السفن العثمانية في المياه المحيطة بالمدينة، إلا أنها في البداية عجزت عن الوصول إلى القرن الذهبي؛ حيث كانت السلسلة العملاقة تمنع أي سفينة من دخوله، بل وتحطم كل سفينة تحاول الاقتراب.

فكرة عبقرية 

ألهم الله السلطان الفاتح إلى طريقة يستطيع بها إدخال سفنه إلى القرن الذهبي دون الدخول في قتال مع البحرية البيزنطية متجاوزًا السلسلة التي تغلق ذلك القرن، وهذه الطريقة تتمثل في جرِّ السفن العثمانية على اليابسة حتى تتجاوز السلسلة التي تغلق المضيق والدفاعات الأخرى، ثم إنزالها مرة أخرى إلى البحر. وقد درس الفاتح وخبراؤه العسكريون هذا الأمر، وعرفوا ما يحتاجونه من أدوات لتنفيذه، والطريق البرية التي ستسلكها السفن، والتي قدرت بثلاثة أميال. وبعد دراسة دقيقة ومتأنية للخطة اطمأنَّ الفاتح للفكرة، ولقي التشجيع من المختصين لتنفيذها، وبدأ العمل بصمتٍ على تسوية الطريق وتجهيزها، دون أن يعلم البيزنطيون الهدف من ذلك، كما جمعت كميات كبيرة من الأخشاب والزيوت 
تمكن العثمانيون في تلك الليلة من سحب أكثر من سبعين سفينة وإنزالها في القرن الذهبي على حين غفلة من العدو، بطريقٍ لم يُسبَق إليها احد قبل السلطان الفاتح في التاريخ 

اللحظات الاخيرة فى الحصار

في يوم الأحد 18جمادى الأولى/ 27 من مايو وجَّه السلطان الجنود إلى الخشوع، وتطهير النفوس، والتقرب إلى الله تعالى بالصلاة، وعموم الطاعات والتذلل، والدعاء بين يديه؛ لعل الله أن ييسر لهم الفتح. وانتشر هذا الأمر بين عامة الجند المسلمين، كما قام الفاتح بنفسه ذلك اليوم بتفقد أسوار المدينة، ومعرفة آخر أحوالها، وما وصلت إليه، وأوضاع المدافعين عنها في النقاط المختلفة، وحدَّد مواقع معينة يتم فيها تركيز القصف المدفعي.
وفي ليلة 29 مايو نزلت بعض الأمطار على المدينة وما حولها، فاستبشر بها المسلمون خيرًا، وذكّرهم العلماء بمثيلتها يوم بدر، أما الروم فقد طمعوا أن تشتد الأمطار فتعرقل المسلمين، ولكن هذا لم يحدث، فقد كان المطر هادئًا ورفيقًا.
وعند الساعة الواحدة صباحًا من يوم الثلاثاء 20 جمادى الأولى 857 هـ/ 29 مايو 1453م بدأ الهجوم العام على المدينة بعد أن أعطيت إشارة البدء للجنود، فعلت أصوات الجند المسلمين بالتكبير وهم منطلقون نحو الأسوار، وفزع أهل القسطنطينية وأخذوا يدقون نواقيس الكنائس، وهرب إليها كثير من الناس، وكان الهجوم العثماني متزامنًا بريًّا وبحريًّا في وقت واحد حسب خطة دقيقة رسمت سابقًا، وطلب كثير من المجاهدين الشهادة، ونالها أعداد كبيرة منهم بكل شجاعة وتضحية وإقدام، وكان الهجوم موزعًا في العديد من المناطق، ولكنه مركَّز بالدرجة الأولى في منطقة وادي ليكوس بقيادة السلطان محمد الفاتح نفسه.

اقتحام اسوار القسطنطينية المحصنة
مع ظهور نور الصباح في يوم 30 مايو 1453م أضحى المهاجمون يتمكنون من تحديد مواقع العدو بدقة أكثر، وأخذوا في مضاعفة الجهد في الهجوم؛ مما جعل الإمبراطور قسطنطين يتولى شخصيًّا مهمة الدفاع في تلك النقطة، يشاركه في ذلك جستنيان الجنويّ أحد القادة المشهورين في الدفاع عن المدينة.
وقد واصل العثمانيون ضغطهم في جانب آخر من المدينة؛ حيث تمكن المهاجمون من ناحية باب أدرنة من اقتحام الأسوار والاستيلاء على بعض الأبراج، والقضاء على المدافعين فيها، ورفع الأعلام العثمانية عليها، وتدفق الجنود العثمانيون نحو المدينة من تلك المنطقة. ولما رأى الإمبراطور البيزنطي الأعلام العثمانية ترفرف على الأبراج الشمالية للمدينة، أيقن بعدم جدوى الدفاع، وخلع ملابسه حتى لا يُعرف، ونزل عن حصانه، وقاتل حتى هلك في ساحة المعركة. وكان لانتشار خبر موته دور كبير في زيادة حماس المجاهدين العثمانيين وسقوط عزائم البيزنطيين؛ حيث تمكنت بقية الجيوش العثمانية من دخول المدينة من مناطق مختلفة، وفر المدافعون بعد انتهاء قيادتهم. وهكذا تمكن المسلمون من الاستيلاء على المدينة.
ولم تأت ظهيرة ذلك اليوم الثلاثاء 20 جمادى الأولى 875هـ/ 29 من مايو 1453م، إلا والسلطان محمد الفاتح في وسط المدينة يحف به جنده وقواده وهم يرددون: ما شاء الله! فالتفت إليهم وقال: لقد أصبحتم فاتحي القسطنطينية، الذين أخبر عنهم رسول الله ، وهنأهم بالنصر، ونهاهم عن القتل، وأمرهم بالرفق بالناس، والإحسان إليهم. ثم ترجل عن فرسه، وسجد لله على الأرض شكرًا وحمدًا وتواضعًا

تعامله مع اهل القسطنطينية
توجه إلى كنيسة آيا صوفيا، وقد اجتمع بها خلقٌ كبير من الناس ومعهم القسس والرهبان، الذين كانوا يتلون عليهم صلواتهم وأدعيتهم، فلما اقترب من أبوابها خاف النصارى داخلها ووجلوا وجلاً عظيمًا، وقام أحد الرهبان بفتح الأبواب له، فطلب من الراهب تهدئة الناس وطمأنتهم والعودة إلى بيوتهم بأمان، فاطمأن الناس،
وقد أعطى السلطان للنصارى حرية إقامة الشعائر الدينية، واختيار رؤسائهم الدينيين، الذين لهم حق الحكم في القضايا المدنية، كما أعطى هذا الحق لرجال الكنيسة في الأقاليم الأخرى.

هكذا استطاع محمد الفاتح ان يحقق الحلم الكبير الذى كان يراوده منذ صغره ويفتح المدينه العظيمة التى استعصت على القادة والسلاطين قبله حيث فشلت من قبل احد عشر محاولة من المسلمين لاقتحام المدينة .










0 التعليقات:

الخليفة عمر بن عبدالعزيز






 الخليفة عمر بن عبدالعزيز 


هو عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية، العلامة المجتهد، الزاهد العابد،  أبو حفص، القرشي الأُموي ، الخليفة الزاهد الراشد، أشجُّ بني أمية. 
وأمه: هي أم عاصم ليلى بنت عاصم بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه
بشارات به :
كان عمر بن الخطاب يقول: "من ولدي رجل بوجهه شجة يملأ الأرض عدلاً"، أخرجه الترمذي في تاريخه

وأخرج ابن سعد أن عمر بن الخطاب قال: ليت شعري! من ذو الشين من ولدي الذي يملؤها عدلا كما ملئت جوراً.
                                             عمر بن عبد العزيز برنامج المجد المفقود الجزء 1

                                      
                                             عمر بن عبد العزيز برنامج المجد المفقود الجزء 2

                                      
                                             عمر بن عبد العزيز برنامج المجد المفقود الجزء3

 خلافته رحمه الله

جاءته الخلافة دون أن يسعى لها وكان كارها لها إذ أوصى له بها سليمان بن عبد الملك بناء على مشورة من العالم الجليل "رجاء بن حيوة الكندي" الذي كان مقرباً من سليمان يأتمنه ويأخذ برأيه.

 
وحين آلت الخلافة إليه لم يسر على نهج سلفه سليمان، ولم يقبل على الدنيا واتخذ من سيرة جده عمر بن الخطاب مثلاً يحتذي به ويسير على هديه، فاعتمد على الفقهاء وقربهم، وجعل للقاضي منزلة ممتازة ومستقلة وكانت الدولة في رأيه لا تصلح إلا بأركانها الأربعة: الوالي، والقاضي، وصاحب بيت المال، والخليفة، وفي هذا يقول: "إن للسلطان أركاناً لا يثبت إلا بها، فالوالي ركن، والقاضي ركن، وصاحب بيت المال ركن، والركن الرابع أنا".

موقفه مع امراء بني أميه :

ويروى أنه عندما تولي عمر بن عبد العزيز الخلافة بدأ بأهل بيته فأخذ ما كان في أيديهم وسمى ذلك المظالم ففزعت بنو أمية إلى فاطمة بنت مروان عمته -وكان يعزها ويكرمها- وسألوها أن تكلمه فيما اعتزم، فقالت: إن قرابتك يشكونك ويزعمون أنك أخذت منه خير غيرك، قال: "منعتهم حقاً!، ولا أخذت منهم حقاً"، فقالت: إني رأيتهم يتكلمون وإني أخاف أن يهجوا عليك يوماً عصيباً، فقال: "كل يوم أخافه دون يوم القيامة فلا وقاني الله شره"، قال: ودعا بدينار وخبث ومجمرة فألقى الدينار في النار وجعل ينفخ على الدينار حتى إذا احمر تناوله بشيء فألقاه على الخبث، فنش، فقال: "أي عمة أما تأوين لابن أخيك من مثل هذا؟" فقامت فخرجت على قرابته، فقالت: تزوجون إلى آل عمر فإذا نزعوا الشبه جزعتم! اصبروا له.

وفاته رحمه الله :

 عن مجاهد قال: قال لي عمر بن عبد العزيز: «ما يقول الناس فيّ؟»، قلت: «يقولون إنك مسحور»، قال: «ما أنا بمسحور»، ثم دعا غلاماً له فقال له: «ويحك ما حملك على أن تسقيني السم؟»، قال: «ألف دينار أعطيتها وعلى أن أعتق»، قال: «هات الألف»، فجاء بها فألقاها عمر في بيت المال وقال: «اذهب حيث لا يراك أحد». وقيل أنه مات بسبب السل.وتوفي عمر بن عبد العزيز يوم الجمعة لعشر ليال بقين من رجب سنة 101هـ على أصح الروايات، واستمر معه المرض عشرين يوماً، 

وحدّث اللّيث بن سعد: أنه بلغه أن مسلمة بن عبد الملك لمّا رأى عمر بن عبد العزيز اشتدّ وجعه، وظنّ أنه ميّت، قال: يا أمير المؤمنين، إنك قد تركت بنيك عالةً لاشيء لهم، ولابدّ لهم ممّا لابدّ لهم منه، فلو أوصيت بهم إليّ وإلى ضربائي من قومك فكفوك مؤونتهم. فقال: أجلسوني؛ فأجلسوه؛ فقال: أمّا ما ذكرت من فاقة ولدي وحاجتهم، فوالله ما منعتهم حقاً هو لهم، وما كنت لأعطيهم حقّ غيرهم، وأمّا ما ذكرت من استخلافك ونظرائك عليهم لتكفوني مؤونتهم فإن خليفتي عليهم الذي نزّل الكتاب وهو يتولّى الصّالحين؛ ادعهم لي، قال: فدعوتهم وهم اثنا عشر، فاغرورقت عيناه، فقال: بأبي فتيةً تركتهم عالةً، وإنّما هم أحد رجلين: إمّا رجل يتّقي الله ويراقبه فسيرزقه الله؛ وإمّا رجل وقع في غير ذلك فلست أحب أن أكون قوّيته على خلاف أمر الله؛ وقد تركتكم بخير لن تلقوا أحداً من المسلمين ولا أهل الذّمّة إلاّ سيرى لكم حقاً. انصرفوا، عصمكم الله وأحسن الخلافة عليكم

                                                     الدولة الاموية فى عهد عمر بن عبدالعزيز




0 التعليقات:


الخليفة هارون الرشيد
 الخليفة المجاهد هارون الرشيد ذلك الرجل الذي حاول أعداء تاريخنا أن يصوروه بصورة شارب الخمر الماجن، صاحب الجواري الحسان والليالي الحمراء ، مع أنه كان من أعظم خلفاء الدولة العباسية جهادًا وغزوًا واهتمامًا بالعلم والعلماء

خلافته 
تولى هارون الرشيد الخلافة بعهد معقود له بعد الهادي من أبيهما المهدي وذلك في ليلة السبت السادس عشر من ربيع الأول سنة سبعين ومائة بعد الهادي حتى جمادى الآخرة سنة أربع وتسعين بعد المائة الهجرية، وكان عمره آنذاك 25 سنة.، وكان يكنى بـ أبي موسى فتكنى بأبي جعفر.


عبادته وصلاحه
حكى بعض أصحابه أنه كان يصلي في كل يوم مئة ركعة إلى أن فارق الدنيا، إلا أن يعرض له علة، وكان يتصدق في كل يوم من صلب ماله بألف درهم، وكان إذا حج أحج معه مئة من الفقهاء وأبنائهم، وإذا لم يحج أحج في كل سنة ثلاثمائة رجل بالنفقة السابغة والكسوة الظاهرة".

كان الرشيد يحب العلماء ويعظم حرمات الدين ويبغض الجدال والكلام، وقال القاضي الفاضل في بعض رسائله ما أعلم أن لملك رحلة قط في طلب العلم إلا للرشيد فإنه رحل بولديه الأمين والمأمون لسماع الموطأ على مالك رحمه الله.

الرخاء في عهد الرشيد
كان هارون الرشيد ينظر إلى السحابة المارة ويقول: (أمطري حيث شئت؛ فسيأتيني خراجك بإذن الله). وقد بلغت إيرادات الدولة العباسية في عهده (70 مليون و150 ألف دينار)، وقد زادت في عصر المأمون عن ذلك بكثير.


من امير المؤمنين هارون الرشيد الى نقفور كلب الروم
في سنة سبع وثمانين ومائة جاء للرشيد كتاب من ملك الروم نقفور بنقض الهدنة التي كانت عقدت بين المسلمين وبين الملكة ريني ملكة الروم وصورة الكتاب [من نقفور ملك الروم إلى هارون ملك العرب أما بعد فإن الملكة التي كانت قبلي أقامتك مقام الرخ وأقامت نفسها مقام البيذق فحملت إليك من أموالها ما كنت حقيقاً بحمل أضعافه إليها، وذلك لضعف النساء وحمقهن فإذا قرأت كتابي فاردد ما حصل قبلك من أموالها وإلا فالسيف بيننا وبينك] فلما قرأ الرشيد الكتاب استشاط غضبا حتى ما تمكن أحد أن ينظر إلى وجهه فضلاً أن يخاطبه وتفرق جلساؤه من الخوف واستعجم الرأي على الوزير فدعا الرشيد بدواة وكتب على ظهر كتابه بسم الله الرحمن الرحيم من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم قد قرأت كتابك يا ابن الكافرة والجواب ما تراه لا ما تسمعه ثم سار ليومه فلم يزل حتى نزل مدينة هرقل وكانت غزوة مشهورة وفتحا مبينا فطلب نقفور الموادعة والتزم بخراج يحمله كل سنة.

ازمة البرامكة

الحقيقة في هذه المسألة غير أكيدة واختلف فيها المؤرخون، والأرجح أن هذه الأسرة الفاضلة قد بلغت من العز مبلغًا عظيمًا.. وهناك دائمًا الحاقدون وأصحاب القلوب المريضة الذين لا يحبون أن يروا الأمة مجتمعة إلى حين، ويغيظهم أن يصل غيرهم إلى تلك المنازل بجهد وبذل وتضحية وهم متفرجون، فيلجئون إلى الوشاية والوقيعة بحيلة ومكر.. لقد تغير قلب الرشيد تجاههم بفعل فاعل.
ولعل أرجح ما قيل في ذلك ما ذكره بعض المؤرخين أن سبب ذلك قيام جعفر بن يحيى بتهريب يحي بن عبد الله بن الحسن من سجن الرشيد سرًّا؛ لأنه تعاطف معه لأنه من نسل آل البيت. وقد اتهم البرامكة بالتشيع من قبل بعض المؤرخين، وبلغ الخبر الفضل بن الربيع من عين كانت له حيث كان يتحين فرصة يؤلب بها الرشيد على البرامكة، فأخبر الرشيد فقال له الرشيد: (ما لك وهذا لا أم لك، فلعل ذلك عن أمري). فانكسر الفضل، فلما جاء جعفر (حبيب الرشيد) دعا بالغداء فأكلا وتحادثا إلى أن كان آخر ما دار بينهما أن قال الرشيد: ما فعل يحيى بن عبد الله؟
قال جعفر: بحاله يا أمير المؤمنين في الحبس والأكبال.
قال الرشيد: بحياتي؟
فأحجم جعفر وهجس في نفسه أنه قد علم بشيء من أمره.
فقال: لا وحياتك يا سيدي، ولكن أطلقته وعلمت أنه لا حياة به ولا مكروه عنده. فقال الرشيد: نعمّا فعلت ما عدوت ما كان في نفسي فلما خرج اتبعه بصره ثم قال: قتلني الله بسيف الهدى على عمل الضلالة إن لم أقتلك فكان من أمره ما كان.
كانت هذه الحادثة سببًا للوشاية بالبرامكة في أخص صفات الوزراء وهي الإخلاص لملوكهم، وذلك طعن مؤثر... ووقر في نفس الرشيد شيء من ذلك أن البرامكة يؤثرون مصلحة العلويين على مصلحته، وهذه التهمة أشد من تهمة الزندقة عند المهدي وانفرط عقد الثقة بين الخليفة الرشيد والبرامكة وهم أحباؤه وخلصاؤه، فتحمست أمامه عيوبهم وجعلته يستريب فيهم لأدنى شبهة.
حتى كانت سنة 187هـ وفيها كان مهلك البرامكة على يدي الرشيد قتل جعفر بن يحيى بن خالد البرمكي بطريقة بشعة، ودمر ديارهم وذهب صغارهم وكبارهم.
ويبدو أن الرشيد قد ندم بعدها؛ فقد كان يقول: لعن الله من أغراني بالبرامكة، فما وجدت بعدهم لذة ولا رجاء، وددت والله أني شطرت نصف عمري وملكي، وأني تركتهم على حالهم.

وفاته رحمه الله
رأى رؤيا فيها موته وصدقها الواقع.. رأى كفًّا به تربة حمراء وقائل يقول: هذه تربة أمير المؤمنين، فلما سار يريد خراسان مَرّ بـ (طوس) فمرض بها، فقال لخادمه: ائتني بشيء من تربة هذه الأرض. فجاءه بتربة حمراء في يده، فلما رآها قال: والله هذه


الكف التي رأيت، والتربة التي كانت فيها! فأمر بحفر قبره في حياته، وأن تُقرأ فيه ختمة للقرآن تامة، وحُمِل حتى نظر إلى قبره فجعل يقول: إلى هنا تصير يا ابن آدم! وبكى، ثم قبض بعد ثلاث ليال.
                                                   الدولة العباسية فى عهد هارون الرشيد
                                                            تمثال لهارون الرشيد

0 التعليقات:


السلطان سليمان القانوني (سلطان العالم )
هو سليمان القانوني ابن سليم، ويُعرف في الغرب بسليمان العظيم، وهو أحد أشهر السلاطين العثمانيين، حكم مدَّة 48 عامًا؛ منذ عام 926هـ، وبذلك يكون صاحب أطول فترة حُكْم بين السلاطين العثمانيين.
قضى السلطان سليمان القانوني ستة وأربعين عامًا على قمَّة السلطة في دولة الخلافة العثمانية، وبلغت في أثنائها الدولة قمَّة درجات القوَّة والسلطان؛ حيث اتسعت أرجاؤها على نحوٍ لم تشهده من قبلُ، وبسطت سلطانها على كثير من دول العالم في قاراته الثلاث، وامتدَّت هيبتُها فشملت العالم كلَّه، وصارت سيدة العالم؛ تخطبُ ودَّهَا الدول والممالك، وارتقت فيها النظم والقوانين التي تُسَيِّرُ الحياة في دقَّة ونظام، دون أن تُخالف الشريعة الإسلامية التي حرص آل عثمان على احترامها والالتزام بها في كل أرجاء دولتهم، وارتقت فيها الفنون والآداب، وازدهرت العمارة والبناء.

سليمان القانوني يتولى مقاليد السلطة
تولَّى السلطان سليمان القانوني الخلافة بعد موت والده السلطان سليم الأول في (9 من شوال 926هـ= 22 من سبتمبر 1520م)، وبدأ في مباشرة أمور الدولة، وتوجيه سياستها، وكان يستهلُّ خطاباته بالآية الكريمة: {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [النمل: 30]، وقد كانت الأعمال التي أنجزها السلطان في فترة حكمه كثيرة وذات شأن في حياة الدولة.


جهاد سليمان القانوني
تعدَّدت ميادين القتال التي تحرَّكت فيها الدولة العثمانية لبسط نفوذها في عهد سليمان؛ فشملت أوربا وآسيا وإفريقيا؛ فاستولى على بلجراد سنة (927هـ= 1521م)، وحاصر فيينا سنة (935هـ= 1529م)؛ لكنه لم يُفلح في فتحها، وأعاد الكَرَّة مرَّة أخرى، ولم يكن نصيبها أفضل من الأولى، وضمَّ إلى دولته أجزاءً من المجر بما فيها عاصمتها بودابست، وجعلها ولاية عثمانية.

وفي آسيا قام السلطان سليمان بثلاث حملات كبرى ضد الدولة الصفوية؛ ابتدأت من سنة (941هـ= 1534م)، وهي الحملة الأولى التي نجحت في ضمِّ العراق إلى سيطرة الدولة العثمانية، وفي الحملة الثانية سنة (955هـ= 1548م) أُضيف إلى أملاك الدولة تبريز، وقلعتا: وان وأريوان، وأمَّا الحملة الثالثة فقد كانت سنة (962هـ= 1555م) وأجبرت الشاه طهماسب على الصُّلح وأحقية العثمانيين في كلّ من أريوان وتبريز وشرق الأناضول.
كما واجه العثمانيون في عهده نفوذَ البرتغاليين في المحيط الهندي والخليج العربي، فاستولى أويس باشا والي اليمن على قلعة تعز سنة (953هـ= 1546م)، ودخلت في عهده عُمَان والأحساء وقطر ضمن نفوذ الخلافة العثمانية، وأدَّت هذه السياسية إلى الحدِّ من نفوذ البرتغاليين في مياه الشرق الأوسط.
وفي إفريقيا دخلت ليبيا، والقسم الأعظم من تونس، وإريتريا، وجيبوتي، والصومال ضمن نفوذ الخلافة العثمانية.

تطوير البحرية العثمانية
كانت البحرية العثمانية قد نمت نموًّا كبيرًا منذ أيام السلطان بايزيد الثاني، وأصبحت مسئولة عن حماية مياه البحار التي تطل عليها الدولة، وفي عهد سليمان ازدادت قوَّة البحرية على نحو لم تشهده من قبل؛ وذلك بانضمام خير الدين بربروس، وكان يقود أسطولاً قويًّا يُهاجم به سواحل إسبانيا والسفن الصليبية في البحر المتوسط، وبعد انضمامه إلى الدولة منحه السلطان لقب «قبودان».

وقد قام خير الدين بفضل المساعدات التي كان يتلقَّاها من السلطان سليمان القانوني بضرب السواحل الإسبانية، وإنقاذ آلاف من المسلمين في إسبانيا؛ فقام في سنة (935هـ= 1529م) بسبع رحلات إلى السواحل الإسبانية لنقل سبعين ألف مسلم من قبضة الحكومة الإسبانية.
وقد أوكل السلطان إلى خير الدين بربروس قيادة الحملات البحرية في غرب البحر المتوسط، وحاولت إسبانيا أن تقضي على أسطوله؛ لكنها كانت تُخفق في كل مرَّة وتتكبَّد خسائر فادحة، ولعلَّ أقسى هزائمها كانت معركة بروزة سنة (945هـ= 1538م).
وقد انضمَّ أسطول خير الدين إلى الأسطول الفرنسي في حربه مع الهابسيورج، وساعد الفرنسيين في استعادة مدينة نيس (950هـ= 1543م)؛ وهذا ما أدَّى إلى تنازل فرنسا عن ميناء طولون الفرنسي برضاها للإدارة العثمانية، وتحوَّل الميناء الحربي لفرنسا إلى قاعدة حربية إسلامية للدولة العثمانية في غرب البحر الموسط.
   
لماذا سمي بالقانوني
الذي اشتهر به السلطان سليمان القانوني واقترن باسمه هو وضعه للقوانين التي تُنَظِّم الحياة في دولته الكبيرة؛ هذه القوانين وضعها مع شيخ الإسلام أبو السعود أفندي، وراعى فيها الظروف الخاصة لأقطار دولته، وحرص على أن تَتَّفق مع الشريعة الإسلامية والقواعد العرفية، وقد ظلَّت هذه القوانين -التي عُرفت باسم «قانون نامه سلطان سليمان»؛ أي دستور السلطان سليمان- تُطَبَّق حتى مطلع القرن الثالث عشر الهجري الموافق التاسع عشر الميلادي.
ولم يُطلق الشعبُ على السلطان سليمان لقب القانوني لوضعه القوانين؛ وإنَّما لتطبيقه هذه القوانين بعدالة؛ ولهذا يعدُّ العثمانيون الألقاب التي أطلقها الأوربيون على سليمان في عصره -مثل: الكبير، والعظيم- قليلة الأهمية والأثر إذا ما قُورنت بلقب «القانوني»، الذي يُمَثِّل العدالة.

وفاته  
في أواخر أيام السلطان سليمان أصابه مرض النِّقْرِس، فكان لا يستطيع ركوب الخيل؛ ولكنه كان يتحامل –رحمه الله- إظهارًا للقوَّة أمام أعدائه، وقد بلغ السلطان سليمان القانوني من العمر 74 عامًا، ومع ذلك عندما علم بأن ملك الهايسبرج أغار على ثغر من ثغور المسلمين؛ قام السلطان سليمان القانوني للجهاد من فوره، ومع أنه كان يتألَّم من شدَّة المرض، فإنَّه قاد الجيش بنفسه، وخرج على رأس جيش عرمرم في (9 من شوال 973هـ= 29 من أبريل 1566م)، ووصل إلى مدينة سيكتوار المجرية، وكانت من أعظم ما شيَّده المسيحيون من القلاع، وكانت مشحونة بالبارود والمدافع، وكان قبل خروجه للجهاد نصحه الطبيب الخاص بعدم الخروج لعلَّة النِّقْرِس التي به. فكان جواب السلطان سليمان الذي خلده له التاريخ: «أحب أن أموت غازيًا في سبيل الله».
وخرج بالفعل على رأس جيشه، وما كان يستطيع أن يمتطي جواده؛ لازدياد علَّة النِّقْرِس عليه، فكان يُحْمَل في عربة؛ حتى وصل إلى أسوار مدينة سيكتوار، وابتدأ في حصارها، وفي أقلَّ من أسبوعين احتلَّ معاقلها الأمامية، وبدأ القتال واشتدَّ النزال، وكان أصعب قتال واجهه المسلمون؛ لمتانة الأسوار، وضراوة المسيحيين في الدفاع عن حصنهم.
واستمرَّ القتال والحصار قرابة 5 شهور كاملة، وما ازداد أمر الفتح إلَّا صعوبة، وازداد همُّ المسلمين لصعوبة الفتح، وهنا اشتدَّ مرض السلطان، وشعر بدنوِّ الأجل، فأخذ يتضرَّع إلى الله تعالى، وكان من جملة ما قاله: «يا رب العالمين؛ افتح على عبادك المسلمين، وانصرهم، وأضرم النار على الكفار».
فاستجاب الله دعاء السلطان سليمان، فأصاب أحدُ مدافع المسلمين خزانة البارود في الحصن، فكان انفجارًا مهولًا، فأخذت جانبًا كبيرًا من القلعة فرفعته إلى عنان السماء، وهجم المسلمون على القلعة، وفُتحت القلعة، ورُفعت الراية السليمانية على أعلى مكان من القلعة.

وعند وصول خبر الفتح للسلطان فرِح، وحمد الله على هذه النعمة العظيمة، وقال: «الآن طاب الموت، فهنيئًا لهذا السعيد بهذه السعادة الأبدية، وطوبى لهذه النفس الراضية المرضية، من الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه». وتخرج روحه إلى بارئها، إلى جنة الخلد -إن شاء الله- في (20 من صفر 974هـ= 5 من سبتمبر 1566م).
وأخفى الوزير محمد باشا نبأ وفاة السلطان؛ حتى أرسل لولي عهده السلطان سليم الثاني، فجاء وتَسَلَّم مقاليد السلطنة في سيكتوار، ثم دخل إسطنبول ومعه جثمان أبيه الشهيد، وكان يومًا مشهودًا لم يُرى مثله، إلَّا في وفاة السلطان محمد الفاتح، وعلم المسلمون خبر وفاة السلطان سليمان القانوني، فحزنوا أشدَّ الحزن؛ أمَّا على الجانب الأوربي؛ فما فرح المسيحيون بموت أحدٍ بعد بايزيد الأول ومحمد الفاتح كفرحهم بموت السلطان سليمان المجاهد الغازي في سبيل الله، وجعلوا يوم وفاته عيدًا من أعيادهم، ودَقَّت أجراس الكنائس فرحًا بموت مُجَدِّد جهاد الأُمَّة في القرن العاشر –رحمه الله. 
السلطان سليمان القانوني










 

0 التعليقات: